يمكن للأنا أن يحقق إنسانيته في غياب الغير فرغم انتماء الفرد لوجود اجتماعي فإن الغير ليس مكونا لإنيته فالأنا مكتف بذاته و يجد فيها ما يحقق ماهيته الإنسانية
لا يمكن أن تتحقق أو تكتمل إنسانيتي إلا بعلاقة مع الغير الذي يمثل شرطا ضروريا و مكونا أساسيا لإنيتي و إنسانيتي وليس وجوده عرضيا أو ضمن علاقة نفعية.فليس للأنا هوية مستقلة عن الغير و لا للغير وجودا منفصلا عن الأنا. فالإنسانية تتحقق تاريخيا ضمن العلاقات البينذاتية
تخطيط مفصل:
المقدمة:
التمهيد:
إمكانية أولى: تردد الإنسان بين الاجتماعية و العدوانية و بين الغريزي و الواعي يجعل علاقتنا بالغير ملتبسة بين كونه مفروضا علينا و بين كوننا نحتاجه للاستمرارية في الحياة لكننا لم نرتق بالتفكير في الغير من المستوى النفعي إلى الأفق الأنطولوجي من جهة دوره في كينونة الأنا
إمكانية ثانية: غالبا ما يبدي الفرد في الحياة اليومية تبرمه من تضييقات الآخرين على أهوائه فيتمنى العزلة و يعتقد أنها تمثل السعادة لكن إذا التحقق من هذه الفرضية صعبا في الواقع لانعدام العزلة التامة فان الأدب يمكننا على الأقل من تخيلها فلا يمكن أن نتصور روبنسون كروزوي سعيدا بالعزلة التي فرضت عليه لكن الكثير من الأشياء تغيرت حال ظهور الغير "جمعة".
صياغة المشكل:
أي منزلة للغير في تحقيق إنسانيتي؟ هل أن حضور الغير مجرد ضرورة فرضها الوجود الاجتماعي دون أن يكون مكونا لإنيتي و ماهيتي؟ أم أن الغيرية قوام إنيتي وتمثل شرطا ضروريا لإنسانيتي بما هي تحقق تاريخي ضمن علاقات بينذاتية؟ضمن أية إيتيقا يكون هذا اللقاء ممكنا؟
الجوهر:
1-يمكن أن أكون إنسانا دون الغير:
تحديد معنى الأنا بما هو ذاتية مكتفية بذاتها تحقق الوعي بمجرد الارتداد على الذات و تأملها فيكون الأنا الذات و الموضوع في الآن نفسه. فالذات الواعية تتميز عن سائر الأشياء بهذه القدرة على الارتداد على ذاتها و ذلك التعالي الذي بموجبه تؤسس الوعي بالذات الذي هو مقوم إنسانيتها.
الذاتية تمثل الحقيقة المطلقة.الأنا يحوي في ذاته ماهيته الإنسانية و يكفي أن يحرر ذاته مما يلتبس بها من أعراض أو عوائق تحول دون الوعي حتى تكتمل فيه هذه الإنسانية.
يمكن توظيف تحديد الإنية ضمن هذا الأفق الأنطولوجي بما هي نفس في التصور الميتافيزيقي لدى ابن سينا أو بما هي ذات مفكرة لدى ديكارت
الغير لا يمثل شرطا ضروريا للوعي بالذات بل لعله عائق دونه أحيانا لما يرسخه في فكرنا من أحكام مسبقة ناتجة عن تقليد فيكون الغير مصدر الغلط و المغالطة.
ينبغي أن نميز بين عدم إمكان انعزال عن الغير واقعيا اجتماعيا و بين إمكان تأسيس الذات أنطولوجيا دون الغير
يفضي بنا هذا الموقف إلى نزعة أنانة أو توحّد تنغلق على الأنا وتتوهم أنه يمثل الحقيقة المطلقة
يسلم هذا الموقف بأن الإنسانية ماهية معطاة و من ثمة تختزل إنية الأنا في هوية تتمثل في جملة من الخصائص الثابتة والمجردة. لكن الذاتية لا تختزل في فردية ضيقة لأن الذات تنشد التحقق فيما هو كلي أي الإنسانية لذلك يتوجب علينا استئناف التفكير في علاقتنا بالغير لا على جهة السلب "دون الغير" بل على جهة الإيجاب "مع الغير"
2- لا يمكن أكون إنسانا دون الغير: الغير شرط ضروري و مكون أساسي لإنسانيتي:
تحديد معني الغير في علاقته بالأنا باعتباره أنا آخر مختلف عني لكني أعترف بانتمائه للإنسانية و أتعرف على ذاتي فيه و انشد اعترافه بي ذاتا لا مجرد شيء
الغير ليس شيئا عارضا في عالم الذات بل إن وعيها بذاتها يتحقق ضد و مع الغير في الآن نفسه فالغير يظهر كرغبة وحرية قائمة بذاتها فهو العدو والصديق في آن أي المنافس من أجل غاية مشتركة بيننا فأن أكون إنسانا يعني أن أحقق مشروع وجودي و أنشد تحقيق الإنسانية بالانخراط ضمن قيم كلية تجمعني مع الغير